منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    كرسي السامبا

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    كرسي السامبا Empty كرسي السامبا

    مُساهمة  Admin الخميس يونيو 28, 2012 5:33 am

    قبل ثلاثة أيام ومع بدء العام الدراسي تفاجأت بجارتنا الأرملة أم احمد بعد أن طرقت الباب بعصاها المعقوفة وهي تجر احد كراسي “السامبا” البيضاء وقد تم لف إحدى قدميه بقطعة خشبية على شكل جبيرة بدلا من تلك المكسورة ، وضعت يدها على صدرها كناية عن رفضها السلام علي مصافحة، فأذنت لها بالدخول وطلبت منها الجلوس فرفضت بحجة أنها مستعجلة فوقت صلاة العصر قد حان ، مدت إلي شهادة الصف العاشر الخاصة بوحيدها احمد ، وهي تقول بلهجتها البدوية الخالصة أنها ذهبت إلى المدرسة الثانوية المجاورة لبيتها من أجل تحصيل قبول ولكن مديرها رفض وقال لها لا يوجد متسع وذا قبل أبنها سيبقى واقفاً لأنه لا يوجد له مقعد يمكنه الجلوس عليه كبقية الطلاب…..
    لذا أحضرت له هذا الكرسي لكي يجلس أبنها عليه بدلا من أن يظل واقفا في الفصل ، وكل ما تريده مني هو أن احمل الكرسي بسيارتي حيث المدرسة ..تنهدت وأنا ادقق النظر في الشهادة المدرسية فعرفت أن احمد حصل على معدل 82% وتم تصنيفه في الفرع العلمي ونقله إلى مدرسة أخرى ، بادرت أم احمد بالسؤال ما المانع بأن يبقى ابنك في مدرسته التي نقل إليها؟اتكأت على عصاها وأشاحت بنظرها عني وهي تقول والله يا بني لا أملك ثمن كيلو الخبز …
    تناولت هاتفي واتصلت بمدير المدرسة الذي اعرفه معرفة شخصية فهو إمام مسجدنا طوال شهر رمضان المبارك لصلاة التراويح بلحيته الغزيرة، وسواكه الأخضر الغليظ وثوبه القصير ومواعظه المفيدة وصوته الحنون ،بعد التهنئة بالعيد والمباركة بالعمرة والسؤال عن الديار المقدسة وزمزم وقبر الرسول….شرحت له الموضوع جملة وتفصيلا وأقسمت له أنني شاهد على وضع الطالب احمد ووالدته وانه يستحق الاستثناء إن كان بالإمكان ، اقسم لي يمين مغلظ وبشرفه كمعلم ومدير وبشرفه كمواطن أردني انه لا يوجد مجال لأي طالب وأنه يعتذر مني ويطلب نقل الاعتذار إلى الأرملة أم احمد التي يعرفها هو معرفة جيدة ويعرف وضعها، طلبت منه أن لا يقسم فهو من الصادقين بعون الله وأنني اقدر الوضع بشكل عام كحال جميع مدارس المملكة الحكومية .
    أغلقت الهاتف وأنا أرى خفي حنين وأنني عدت بهما ، وأنني خيبت أمل ورجاء تلك الأرملة ، فطلبت منها أن تترك الكرسي وأنني سأتولى مهمة توصيله للمدرسة غدا .
    بعد صلاة المغرب التقيت بأحمد أبن الأرملة وشرح لي الأمر وان ثلاثة من زملائه وممن هم أقل منه تحصيلا تم قبولهم اليوم بعد ذهاب والدته إلى المدرسة وهم فلان ابن فلان وفلان وفلان …..
    عندها مر من أمامي إبليس عليه لعنة الله …..تناولت هاتفي واتصلت بإحدى السكرتيرات والتي تعد من السيدات الفاضلات المكتنزات الجميلات التي أعطاها الله طولا وضحكة ساحرة ونفوذا بحجم صحراء النفوذ ، أخبرتها بالقصة وأنني بحاجة إلى قبول بالصف الأول الثانوي العلمي للطالب احمد لوجه الله تعالى ، فالأرملة ليست مسجلة بأية دائرة انتخابية واحمد لم يصل سن الـ 18 بعد .
    احمد الآن طالب بالصف الأول الثانوي العلمي الشعبة “ج” بالمدرسة القريبة من بيتهم كما تريد والدته تماماً، منتظم في دراسته على أكمل وجه .
    اتصلت بمدير المدرسة قبل قليل وذكرته بموضوع القبول وأنني ما أزال انتظر وعده بقبول احمد فأعاد القسم مره أخرى وهو ممسك لحيته –كما يدعي- انه لم يقبل طالبا واحداً وان المدرسة مكتظة بالطلاب ويطلب مني عدم إحراجه فهو لديه مبادئ ملتزم بها وغير مستعد لكسرها .
    أعدت الكرسي للأرملة أم احمد فوجدتها تستعد للصلاة على “دلو” قديم بعد أن تبرعت بكرسيها لوحيدها احمد فوضعت لها الكرسي بدلاً من الدلو باتجاه القبلة وتركتها مع تكبيرة الإحرام فقالت “الله اكبر” .

    ملاحظة : جميع الشخوص والأحداث في هذه القصة حقيقية 100%

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 1:19 pm