منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    لدين العام ومخاطر الإفلاس

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    لدين العام ومخاطر الإفلاس Empty لدين العام ومخاطر الإفلاس

    مُساهمة  Admin الثلاثاء يوليو 31, 2012 3:46 pm

    يتحقق الإفلاس بالنسبة للتجار حال توقفهم المقصود عن دفع ما عليهم من أموال‏,‏ فإذا كان الإفلاس يعد أمرا جائزا علي مستوي التجار والشركات فهل يمكن توقع حدوثه علي مستوي الدولة؟

    يثور التساؤل مع تزايد الدين العام المصري إلي مستوي قياسي بلغ في يونيو من العام الماضي 1253 مليار جنيه يمثل 91% من الناتج المحلي الإجمالي وتزايد العجز الكلي للموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي ليبلغ 134 مليار جنيه وتراجع احتياطي العملات الأجنبية بما يزيد علي عشرين مليار دولار مما أثار القلق علي قدرة الدولة علي الوفاء بالتزاماتها وذهب البعض إلي حد التكهن باحتمال إفلاس الدولة المصرية.
    يتعين التفرقة بين الدين الخارجي الذي بلغت قيمته في يونيو 2011 ما يعادل 208 مليارات جنيه بنسبة 15% من إجمالي الدين العام والدين الداخلي البالغ 1045 مليار جنيه بنسبة85% من الدين العام, فالدين الخارجي يعتبر آمنا نظرا لانخفاض قيمته بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي, حيث يبلغ15% فقط من ذلك الناتج وهو في معظمه متوسط وطويل الأجل ويستحق نصفه تقريبا لأعضاء نادي باريس بشروط ميسرة وتبلغ نسبة خدمة الدين الخارجي, أي نسبة سداد الأقساط والفوائد إلي إجمالي الصادرات من السلع والخدمات, حوالي 6% وهي نسبة آمنة بالمقاييس العالمية, إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للدين الداخلي الذي يمثل نسبة 76% من الناتج المحلي الإجمالي وتتمثل مشكلته الحقيقية في أن مصروفات خدمته تمثل حوالي ربع المصروفات بالموازنة العامة للدولة وفي عجز الدولة عن سداد ذلك الدين إلا عن طريق الاستدانة.
    ويتم تمويل الدين العام عن طريق الاستدانة من الجهاز المصرفي ومن الأفراد مما يمثل مزاحمة للمشروعات الاستثمارية الجديدة, حيث يستنزف المدخرات التي كان يمكن توجيهها لتمويل الاستثمارات الجديدة وبالتالي تقل فرص زيادة الناتج المحلي وزيادة العمالة وزيادة دخل الدولة من الضرائب علي المشروعات التي حرمت البلاد من إقامتها مما يفاقم من مشكلة العجز علي المدي الطويل, كما أن الفوائد المدفوعة علي ذلك التمويل هي في حقيقتها أموال جديدة لا يقابلها إنتاج حقيقي, وبالتالي تسهم في زيادة التضخم, ومن ناحية أخري يتم تمويل العجز عن طريق الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل بسندات الدين الحكومية والمعروفة بالأموال الساخنة التي تحقق أرباحا عالية جدا مقارنة بمتوسط العائد بالأسواق الأخري وهو ما يمثل استنزافا للنقد الأجنبي المحول للخارج كأرباح علي تلك الاستثمارات كما يزيد من صعوبة السيطرة علي تحركات النقد الأجنبي الداخل والخارج ويعطي مؤشرا خادعا لاحتياطي البلاد من العملات الأجنبية, فهي تزيد من قيمة الاحتياطي ولكنها تمثل التزاما قصير الأجل يجعل من الاحتياطي هشا بدرجة ما تمثله تلك الأموال من إجمالي الاحتياطي.
    ومما يزيد الأمر سوءا أن الدين العام المحلي في تزايد مستمر بنسب تفوق نسب الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي, وبالتالي لن يكون هناك مفر من اللجوء إلي أحد خيارين أو كليهما معا وهما الاستدانة من الخارج بشروط أكثر صعوبة مما يزيد أعباء خدمة الدين الخارجي ويرجح أن تكون مدخلا للضغوط السياسية الخارجية أو الاقتراض من البنك المركزي بما يتجاوز الحدود الآمنة والمقررة قانونا وهو ما سيؤدي إلي زيادة النقد المصدر وبالتالي إلي زيادة كبيرة في التضخم. وعليه فلا يتوقع أن تعرف مصر الصورة التقليدية للإفلاس من عدم الوفاء بالتزاماتها ولكن يمكن أن تدخل في طور غير مسبوق من التضخم تتهاوي فيه قيمة الجنيه إلي الدرجة التي يفقد المواطنون الثقة فيه تماما كما يفقد الاقتصاد ثقة الدول الأجنبية والمستثمرين ومؤسسات التمويل الدولية وهو شكل آخر من أشكال الإفلاس بالرغم من عدم إعلان الدولة توقفها عن سداد ديونها وهو وضع لا تختلف نتائجه كثيرا عن الإفلاس بصورته التقليدية, الأمر الذي يعد تهديدا خطيرا للأمن القومي يتعين معه حشد الجهود لتجاوز هذه المحنة الاقتصادية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 1:24 pm