تبدو حركة الأمور في مصر حاليا مثل السيارة الطائشة. تندفع بكل قوة في اتجاهات متعاكسة لتفاجئ من هم بداخلها, تثير خوفهم احيانا و ترقبهم في احيان أخري. وهم يتلمسون طوال الوقت اشارة الأمان و الاستواء علي الطريق,
باولو ماجرى
في حوار خاص لــالأهرام, يلقي الخبير الاستراتيجي الايطالي باولو ماجري الضوء علي حالة الثورة في مصر بعد عام ونصف من نشوبها. ويستشرف مستقبلها في ظل التطورات الأخيرة علي الجبهة الداخلية.
باولو ماجري يعمل مديرا لمعهد الدراسات السياسية الدولية ايسبي أحد أعرق المراكز البحثية في ايطاليا و التي يرجع تاريخ تأسيسها لعام1934, ويعد ايسبي رافدا بحثيا رئيسيا و مغذيا لوزارة الخارجية الايطالية التي يعمل تحت اشرافها.
ماجري هو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين في ايطاليا. يحاضر في عدد من الجامعات وعلي رأسها جامعة بوكوني ذات الصيت والمتخصصة في الاقتصاد, وله مقالات اسبوعية في الصحف الايطالية وأهمها صحيفة ال ماسيجيرو واسعة الانتشار.
> قبل أيام من جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة.. تبدو مصر في مفترق طرق بين حكم الاخوان المسلمين الذي يثير مخاوف من الانعطاف بالبلاد الي مسار الدولة الدينية.. وأحمد شفيق ومخاطر استعادة النظام السابق.. كيف تري مستقبل مصر في كلا الحالتين؟
من المهم التأكيد علي أن مصر شهدت انتخابات ديمقراطية و نزيهة.. وهذه أول نتيجة ايجابية لعملية التحول التي تشهدها البلاد منذ سقوط نظام مبارك, و بالرغم من أنه ليس من السهل التنبؤ بالسيناريوهات المحتملة, لا أعتقد أن مصر ستعود الي النظام السابق و أيضا لا أعتقد أنها ستتحول الي دولة دينية, ومع ذلك, فالعملية الانتقالية ليست سهلة وقد تتخذ الأمور مسارا خاطئا. وفي حال فوز محمد مرسي, سنري اذا كانت القوات المسلحة ستتنازل عن سلطاتها دون أي مقاومة, خاصة في ضوء أن الاخوان المسلمين سيتحدون وضعهم المميز داخل المجتمع المصري. وعلي العكس, في حال فوز شفيق ستكون المخاطرة في شعور حركات الشباب والليبراليين ــ الذين دعموا الثورة ــ بالهزيمة. ومعارضتهم للنتيجة الانتخابية سينتج عنها قلاقل و اضطرابات دائمة.
> الأحكام التي صدرت مؤخرا ضد مبارك و رجاله.. أثارت الكثير من الجدل. في رأيك ما العواقب المحتملة لذلك علي العملية السياسية.. وانعكاساته الاقليمية؟
حكم السجن المؤبد ضد مبارك له تأثير علي الجبهة الداخلية أكبر منه علي المستوي الاقليمي. فيما يتعلق بالمشهد الداخلي, من المرجح أن يؤثر الحكم علي جولة الاعادة بانتخابات الرئاسة, خاصة أنه يغذي شعور المعارضة لدي الاخوان المسلمين ومتظاهري التحرير. وهو ما يجعل كلا الجبهتين اللتين تختلفان في مواقفهما حول العديد من القضايا أقرب في مواجهة أي عودة محتملة للنظام القديم.
> تبدو القوي الثورية حتي الآن غير قادرة عن التعبير عن نفسها بشكل منظم. هل تري ذلك أمرا طبيعيا أم انها اشارة النهاية؟
التنظيم السلمي و المثمر للقوي الثورية عملية طويلة وصعبة للغاية, وليس من المفاجئ أن القوي الثورية في مصر لم تجد طريقها بعد لتصبح حركة سياسية أكثر تنظيما, وليس من قبيل الصدفة أن الاخوان المسلمين الذين يتكئون علي هيكل تنظيمي وتواجد عميق وواسع بالمجتمع المصري برزوا كأكبر حزب سياسي في مصر.
> في اعتقادك كيف سيكون دور القوات المسلحة في مصر بعد تسليم السلطة ؟
نتيجة الثورة المصرية لن تختلف عما حدث في عمليات التحول الأخري عن النظم الديكتاتورية. في بعض الحالات أسفر التقليص الراديكالي في دور مؤسسات وأشخاص النظام القديم, عن حالة عدم استقرار طويلة الأمد, وحيثما كان الانتقال أقل عنفا, كانت النتيجة النهائية أكثر سلاسة. وكما قلت سابقا يظل علينا أن نري أي دور ستلعبه القوات المسلحة في البلاد. الدستور المصري لم تتم كتابته بعد, ومن غير المفيد غياب الوضوح حول شكل النظام السياسي, و سلطات الرئيس. ومع ذلك, فان الخيار الأفضل يتمثل في الاتفاق بين الاخوان المسلمين و القوات المسلحة, بحيث يتم توفير بعض الضمانات للجيش بينما تقلص سلطاتهم تدريجيا.
> الوضع الاقتصادي يعد عاملا رئيسيا في عملية التحول السياسي بمصر.. هل تعتقد أن مصر تتخذ المسار الصحيح لتحسين اقتصادها. وما نصائحك لمصر في هذا الصدد؟
أول شرط يجب الوفاء به من اجل دفع الاقتصاد هو الاستقرار السياسي و المستقبل المضمون. علي مدي الأعوام القليلة الماضية كان الأداء الاقتصادي لمصر جيدا, ولاتزال هناك أسس متينة لتعافي الاقتصاد, والبدء من جديد في عملية التنمية الاقتصادية, وذلك بمجرد تحسن العملية السياسية داخليا. الانتخابات الرئاسية و الدستور الجديد يمثلان خطوات تقدم هامة في عملية الاستقرار السياسي.
> كيف تري مستقبل العلاقات بين القاهرة و الاتحاد الأوروبي؟
مصر شريك اقتصادي وتجاري هام للغاية بالنسبة للاتحاد الأوروبي, كانت عضوا في عملية برشلونة, ومنذ عام2003 تم اشراكها في سياسة الجوار الأوروبي, ومنذ دخول اتفاقية المشاركة حيذ التنفيذ عام2004, زاد حجم التبادل التجاري بأكثر من الضعف( من5,11 مليار يورو عام2004 الي3,23 مليار عام2011). و العلاقات مع مصر تبقي حاسمة أيضا في السياق الاقليمي للاتحاد الأوروبي.
باولو ماجرى
في حوار خاص لــالأهرام, يلقي الخبير الاستراتيجي الايطالي باولو ماجري الضوء علي حالة الثورة في مصر بعد عام ونصف من نشوبها. ويستشرف مستقبلها في ظل التطورات الأخيرة علي الجبهة الداخلية.
باولو ماجري يعمل مديرا لمعهد الدراسات السياسية الدولية ايسبي أحد أعرق المراكز البحثية في ايطاليا و التي يرجع تاريخ تأسيسها لعام1934, ويعد ايسبي رافدا بحثيا رئيسيا و مغذيا لوزارة الخارجية الايطالية التي يعمل تحت اشرافها.
ماجري هو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين في ايطاليا. يحاضر في عدد من الجامعات وعلي رأسها جامعة بوكوني ذات الصيت والمتخصصة في الاقتصاد, وله مقالات اسبوعية في الصحف الايطالية وأهمها صحيفة ال ماسيجيرو واسعة الانتشار.
> قبل أيام من جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة.. تبدو مصر في مفترق طرق بين حكم الاخوان المسلمين الذي يثير مخاوف من الانعطاف بالبلاد الي مسار الدولة الدينية.. وأحمد شفيق ومخاطر استعادة النظام السابق.. كيف تري مستقبل مصر في كلا الحالتين؟
من المهم التأكيد علي أن مصر شهدت انتخابات ديمقراطية و نزيهة.. وهذه أول نتيجة ايجابية لعملية التحول التي تشهدها البلاد منذ سقوط نظام مبارك, و بالرغم من أنه ليس من السهل التنبؤ بالسيناريوهات المحتملة, لا أعتقد أن مصر ستعود الي النظام السابق و أيضا لا أعتقد أنها ستتحول الي دولة دينية, ومع ذلك, فالعملية الانتقالية ليست سهلة وقد تتخذ الأمور مسارا خاطئا. وفي حال فوز محمد مرسي, سنري اذا كانت القوات المسلحة ستتنازل عن سلطاتها دون أي مقاومة, خاصة في ضوء أن الاخوان المسلمين سيتحدون وضعهم المميز داخل المجتمع المصري. وعلي العكس, في حال فوز شفيق ستكون المخاطرة في شعور حركات الشباب والليبراليين ــ الذين دعموا الثورة ــ بالهزيمة. ومعارضتهم للنتيجة الانتخابية سينتج عنها قلاقل و اضطرابات دائمة.
> الأحكام التي صدرت مؤخرا ضد مبارك و رجاله.. أثارت الكثير من الجدل. في رأيك ما العواقب المحتملة لذلك علي العملية السياسية.. وانعكاساته الاقليمية؟
حكم السجن المؤبد ضد مبارك له تأثير علي الجبهة الداخلية أكبر منه علي المستوي الاقليمي. فيما يتعلق بالمشهد الداخلي, من المرجح أن يؤثر الحكم علي جولة الاعادة بانتخابات الرئاسة, خاصة أنه يغذي شعور المعارضة لدي الاخوان المسلمين ومتظاهري التحرير. وهو ما يجعل كلا الجبهتين اللتين تختلفان في مواقفهما حول العديد من القضايا أقرب في مواجهة أي عودة محتملة للنظام القديم.
> تبدو القوي الثورية حتي الآن غير قادرة عن التعبير عن نفسها بشكل منظم. هل تري ذلك أمرا طبيعيا أم انها اشارة النهاية؟
التنظيم السلمي و المثمر للقوي الثورية عملية طويلة وصعبة للغاية, وليس من المفاجئ أن القوي الثورية في مصر لم تجد طريقها بعد لتصبح حركة سياسية أكثر تنظيما, وليس من قبيل الصدفة أن الاخوان المسلمين الذين يتكئون علي هيكل تنظيمي وتواجد عميق وواسع بالمجتمع المصري برزوا كأكبر حزب سياسي في مصر.
> في اعتقادك كيف سيكون دور القوات المسلحة في مصر بعد تسليم السلطة ؟
نتيجة الثورة المصرية لن تختلف عما حدث في عمليات التحول الأخري عن النظم الديكتاتورية. في بعض الحالات أسفر التقليص الراديكالي في دور مؤسسات وأشخاص النظام القديم, عن حالة عدم استقرار طويلة الأمد, وحيثما كان الانتقال أقل عنفا, كانت النتيجة النهائية أكثر سلاسة. وكما قلت سابقا يظل علينا أن نري أي دور ستلعبه القوات المسلحة في البلاد. الدستور المصري لم تتم كتابته بعد, ومن غير المفيد غياب الوضوح حول شكل النظام السياسي, و سلطات الرئيس. ومع ذلك, فان الخيار الأفضل يتمثل في الاتفاق بين الاخوان المسلمين و القوات المسلحة, بحيث يتم توفير بعض الضمانات للجيش بينما تقلص سلطاتهم تدريجيا.
> الوضع الاقتصادي يعد عاملا رئيسيا في عملية التحول السياسي بمصر.. هل تعتقد أن مصر تتخذ المسار الصحيح لتحسين اقتصادها. وما نصائحك لمصر في هذا الصدد؟
أول شرط يجب الوفاء به من اجل دفع الاقتصاد هو الاستقرار السياسي و المستقبل المضمون. علي مدي الأعوام القليلة الماضية كان الأداء الاقتصادي لمصر جيدا, ولاتزال هناك أسس متينة لتعافي الاقتصاد, والبدء من جديد في عملية التنمية الاقتصادية, وذلك بمجرد تحسن العملية السياسية داخليا. الانتخابات الرئاسية و الدستور الجديد يمثلان خطوات تقدم هامة في عملية الاستقرار السياسي.
> كيف تري مستقبل العلاقات بين القاهرة و الاتحاد الأوروبي؟
مصر شريك اقتصادي وتجاري هام للغاية بالنسبة للاتحاد الأوروبي, كانت عضوا في عملية برشلونة, ومنذ عام2003 تم اشراكها في سياسة الجوار الأوروبي, ومنذ دخول اتفاقية المشاركة حيذ التنفيذ عام2004, زاد حجم التبادل التجاري بأكثر من الضعف( من5,11 مليار يورو عام2004 الي3,23 مليار عام2011). و العلاقات مع مصر تبقي حاسمة أيضا في السياق الاقليمي للاتحاد الأوروبي.