منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    العامل النفسي في انتخابات الرئاسة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    العامل النفسي في انتخابات الرئاسة Empty العامل النفسي في انتخابات الرئاسة

    مُساهمة  Admin السبت يونيو 30, 2012 5:07 am

    في نفس ليلة إعلان المؤشرات النهائية لنتائج انتخابات الرئاسة‏, والإعادة بين المرشحين اللذين جاءا في المقدمة.

    لم يضع أي منها وقتا, وسارعت حملة كل منهما إلي إعادة قراءة مواقف القوي السياسية الفاعلة, من أجل إعادة ترتيب العلاقة معها, علي الأقل لاستقطابها, قبل جولة الإعادة.
    وهو تصرف طبيعي ومفهوم, لكن هل وضع أي منهما في اعتباره, أن النتائج لم تكن كلها بناء علي حسابات سياسية محضة, وأن نسبة العنصر النفسي المحرك للناخب (سواء بالتصويت أو بالامتناع) تتجاوز نسبة الحسابات السياسية, والتي يفترض انها في الظروف الطبيعية وفي الدول الديمقراطية, هي التي تحدد موقف الناخب من اختياره للمرشح؟
    ولهذا كانت قراءة الخريطة الانتخابية في الحالة المصرية, تحتاج توسيع أفق النظرة, لكي تحيط بالمشهد بكامله, وتستوعب مختلف العناصر الفاعلة والمحركة فيه, ولقد دقت في الفترة الأخيرة أجراس إنذار, تنبه من يعملون الآن بالسياسة, أن يبدأوا بتشخيص الحالة المصرية الراهنة, بكافة مكوناتها وتطوراتها تاريخيا, ثم من بعد ثورة 25 يناير, لأن ذلك يضع تحت نظرهم, تقديرا حقيقيا وواقعيا للخريطة السياسية.
    إن دور العامل النفسي كان له مساران: والخطة التي وضعت, والنتيجة التي أراد واضعوها دفع الموقف في مصر إليها, والخطة وهي مسجلة في دراسات علمية مجردة, في مراكز للبحوث السياسية, ومعاهد أكاديمية, تقوم علي إطلاق ثورة مضادة, أساسها الانفلات الأمني, وتعويق استعادة الاقتصاد عافيته, وإجهاد المصريين في معيشتهم اليومية, والخطة بدأ تنفيذها من يوم 12 فبراير 2011 , بآليات ووسائل تشعر الناس بأن حياتهم لا تطاق, وحين يظهر لهم وهم علي هذا الحال, مرشح ينتمي للنظام الذي عانوا منه, وثاروا عليه, فلن يمانعوا من تقبله.
    ولنا ان نتذكر أن المصريين في الثمانية عشر يوما الأولي في ميدان التحرير, قد حلقت بهم الآمال الي منتهاها, ثم أنقض عليهم عاملان, يدفعان بالآمال الصاعدة, إلي الهبوط الي قاع اليأس والإحباط.
    هما خطوات تنفيذ خطة الثورة المضادة, والثاني سعي الاخوان لاختطاف الثمرة التي لم تنضج بعد, والاستحواذ علي كل السلطات في الدولة.
    وحين أجريت الانتخابات البرلمانية, كان تأثير العامل الأول هو الذي لايزال مسيطرا علي النفوس,عندئذ لعب المحفز النفسي دوره بقوة كبيرة, في تحديد معايير الاختيار, وبالرغم من أن الانتخابات البرلمانية, كانت عملية سياسية في الأساسي, يحدد فيها الناخب اتجاهات تصويته بناء علي دوافع محسوبة سياسيا, إلا أن العنصر النفسي, كان له النصيب الأكبر في توجيه الناخبين, متمثلا في رد فعل رافض لعشرات السنين, من الفساد, والنهب المنظم والإدارة الفاشلة للدولة, فكان التعلق بمن ينتسبون الي تيار ديني يمنيهم بالأمل في مراعاة المصلحة العامة.
    لكن الذين حصدوا الأغلبية البرلمانية, لم يقدروا المحفز النفسي حق قدره, واقتنعوا وهو ما تكرر في تصريحاتهم بأن الناس أعطوهم أصواتهم, ثقة مطلقة فيهم, مع ان الثقة في السياسة, ليست شيكا علي بياض أو تفويضا بلا حدود لكنها تفويض موقوت ومشروط. وبالرغم من تحذيرات عديدة تنبههم إلي أنهم تسببوا في نشر حالة من الخوف بين الناس من سلوكياتهم الاستحواذية, وطريقة تعاملهم مع شئون السياسة الا انهم اعتبروا مثل هذه التحذيرات كأنها حملة تشويه لهم, وظلت لديهم ثقة مبالغ فيها, في أنهم سيحصدون في انتخابات الرئاسة, أغلبية لن تقل بأي حال, عما فازوا به في الانتخابات البرلمانية.
    وعلي سبيل المثال كانت المذيعة في برنامجها الذي استضافت فيه أحد القيادات الرئيسية في حزب الحرية والعدالة, تقول له: لقد تسببتم في تخويف الناخبين منكم, وقد لا يكون هذا في صالحكم, فرد عليها بثقة مفرطة, لو انهم كما تقولين فقدوا الثقة فينا, فهم يستطيعون في الانتخابات الرئاسية, ألا يعطوا أصواتهم لمرشحنا!.
    لقد غاب عنهم دور الصوت الاحتجاجي أو العقابي, اما بالتصويت للجانب المضاد, وإما بالامتناع وحجب الصوت.
    مرة أخري يحتاج من أراد العمل بالسياسة, أن يبدأ بتشخيص الحالة المصرية.
    ان من الواضح ان الخريطة السياسية سيعاد تشكيلها بالكامل بعد انتخابات الرئاسة.
    وبالرغم من النتيجة التي ستسفر عنها جولة الإعادة, فسوف تكون المرحلة المقبلة مجرد مرحلة انتقالية لما بعدها, لأننا بصدد عملية سياسية, سرعان ما تتوازن فيها العناصر المكونة لها, بحيث ينسحب جانب كبير من دور الحافز النفسي.
    وبالرغم من النتائج التي قادت اليها خطة الثورة المضادة, فإن ما حدث ليس هو ختام الرواية, فالثورة المضادة, تظل من أعراض أي ثورة, ويمكن ان تستمر في خطتها التدميرية لفترة, لكن طاقتها لن تتجاوز ما نسميه بالعامية المصرية حلاوة الروح.
    لأن الثورة هي صحوة وطنية, وتيار تاريخي, يجسد إرادة أمة انتفضت يوم 25 يناير 2011 لإعادة بناء ذاتها. وإذا كان هناك دائما سبب ملح يشعل الثورة في أي بلد, فقد كانت هناك في السنوات العشر الأخيرة من حكم النظام السابق, مئات الأسباب, التي تكفي كل واحدة منها, لإشعال ثورة كاملة.
    ولاتزال طاقة الثورة وقوتها الدافعة معتملة في الصدور, وهي كفيلة بإعادة تشكيل أوضاعها من جديد, مستخلصة الدرس من أخطاء وقعت هي أيضا فيها, وستتولد من رحمها قوي فاعلة لم تكن ظاهرة في المرحلة الانتقالية التي مرت منذ 25 يناير, منها ظاهرة الصعود الشعبي المفاجئ للمرشح حمدين صباحي.
    وكذلك الإفلات من المأزق الذي تشتتت فيه قوي ميدان التحرير, وبدل ان تتجمع كما كان الحال في الثمانية عشر يوما الأولي من الثورة, فإنها تفتت مثل شظايا ترتطم ببعضها البعض.
    وأيا كانت نتيجة جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة, فلن تكون هي نهاية المطاف.
    فالانتخابات مرحلة وتمضي, وسوف يكون معيار الحكم علي من سيفوز, هو التزامه بكل أهداف الثورة, وأولها اسقاط النظام السابق, ومنظومة تفكيره, وليس الاكتفاء برحيل رأس النظام, وتكون الحالة المزاجية النفسية للمصريين, قد استعادت توازنها وملكت زمام أمرها.


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 3:25 pm