منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    الدستور‏..‏ مكانته وأهميته

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    الدستور‏..‏ مكانته وأهميته Empty الدستور‏..‏ مكانته وأهميته

    مُساهمة  Admin الخميس يوليو 05, 2012 5:28 am

    يعتبر الدستور هو الوثيقة الأهم والأعم في آن واحد في حياة الدول والشعوب من جهة تنظيم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها‏

    , ومن حيث كونه الوثيقة الأم التي تضع المعالم الرئيسية للنظام القانوني للدولة وبناء عليه تقوم القوانين بصياغة تفاصيل هذا النظام في ضوء المبادئ التوجيهية والخطوط الإرشادية التي يحددها الدستور.

    ولا توجد صيغة واحدة للدساتير كما لا يوجد شكل جامد لها, ولكنها عادة ما تتناول في الأغلب الأعم موضوعات متماثلة أو متشابهة مثل طبيعة نظام الدولة والحقوق والواجبات الخاصة بالمواطنين والحريات العامة وسلطات الدولة والعلاقات فيما بينها وغير ذلك من موضوعات أساسية لا يمكن تسيير أمور الدولة بدونها. وتوجد دول بها دساتير مكتوبة تتسم بالثبات والاستقرار لفترات طويلة, ويعتبر ذلك من علامات استقرار ورسوخ ارتضاء شعوب هذه الدول للنظم التي تعيش في إطارها, إلا أنه توجد دول يعتبر دستورها اقرب إلي تجميع لأعراف وسوابق غير مكتوبة في شكل موحد بصيغة الدستور. وغالبية الدول في عالم اليوم لديها دساتير مكتوبة ويكون دستورها في شكل وثيقة واحدة مكتوبة.
    وتتصف الدساتير عادة بأنه عندما تتم صياغتها يكون الافتراض السائد لدي واضعيها أنها وضعت لتبقي فترة طويلة وممتدة من الزمن حتي يحدث تغير جذري في الظروف الداخلية في هذه الدولة يحتم صياغة دستور جديد, أما التغيرات الجزئية أو ذات الطابع الهامشي فإنها عادة ما يتم التواؤم معها عبر تعديلات دستورية في مادة أو أكثر من مواد الدستور, ولذا جري العرف علي أن الدساتير توجد بها نصوص تحدد الماهية التي يتم من خلالها إدخال تعديلات علي هذه الدساتير في المستقبل باعتبارها في نهاية الأمر ليست نصوصا مقدسة لا يأتي عليها أي تعديل بل اجتهادات بشرية تحتاج علي فترات, يفترض أنها متباعدة, للمراجعة إذا ما استجدت ظروف جدية ومتفق عليها بين أطياف المجتمع تستدعي ذلك.
    إلا أن عملية اختيار الجهة التي تقوم بصياغة الدستور تختلف من حالة إلي أخري, وليس لها قواعد ثابتة علي مدار الزمان أو المكان, ولكن توجد لها صيغ متعددة تمت تجربتها من قبل في مختلف دول العالم, مثل انتخاب مجلس تمثيلي مع وضع معايير لضمان تمثيل مختلف قطاعات المجتمع جغرافيا واجتماعيا فيه, أو انتخاب جمعية تأسيسية علي أساس الانتخاب الشعبي العام دون تخصيص نسب أو حصص لمختلف المجموعات المكونة للشعب, أو انتخاب مجلس خبراء محدود العدد علي أساس تحديد معايير معدة مسبقا للترشح لعضوية هذا المجلس من منطلق الحاجة لكفاءات معينة, أو اختيار جمعية تأسيسية أو مجلس خبراء بواسطة إحدي سلطات الدولة الأساسية, خاصة السلطة النيابية المنتخبة أو غير ذلك من سبل لاختيار الجهة التي تقوم بصياغة مشروع الدستور. وعادة ما يتم عرض الناتج النهائي لعمل الجهة التي تصوغ مشروع الدستور علي استفتاء شعبي عام لإقرارها أو رفضها, وفي بعض الأحيان توجد آلية ما لتمكين المواطنين من قبول بعض المواد ورفض بعضها الآخر.
    وفي ضوء كل ما تقدم من عناصر, فإن صياغة الدساتير عملية تستلزم درجة عالية من التوافق الوطني العام فيما بين مختلف أطياف المجتمع وما به من مجموعات قد تتباين في توجهاتها أو مصالحها أو انتماءاتها أو حتي وجود هويات فرعية لديها, أو لدي بعضها علي الأقل, وبالطبع يختلف التباين فيما بين هذه المجموعات المكونة للشعب من دولة إلي أخري. فطبيعة الدستور التي عرضنا لها فيما سبق تتطلب الأخذ في الاعتبار مختلف احتياجات ومطالب, بل وأحيانا مخاوف, كافة أطياف المجتمع بحيث يشعر كل المواطنين بالأمان ويحصلون علي رسالة طمأنة, ليس من فرد أو مؤسسة, أيا كانت مكانة الفرد أو المؤسسة, بل من الدستور ذاته باعتباره الوثيقة الوطنية الجامعة والمفترض فيها الاستمرارية لفترة ممتدة زمنيا حتي يقرر الشعب من جديد الحاجة لصياغة دستور جديد أو الاكتفاء بإدخال تعديل, أو تعديلات, علي الدستور القائم.
    كل ما سبق يبرز بما لا يدع مجالا للشك أهمية العمل الذي تقوم به الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور في مصر والتي اختارها مجلس الشعب مرة ثانية بعد صدور حكم بعدم قانونية تشكيلها في المرة الأولي, وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب ذاته, والتي بدأت تتحرك في أداء عملها, بالرغم من وجود دعوي بعدم قانونيتها هذه المرة أيضا تم تأجيل النظر فيها حتي مطلع سبتمبر القادم, وهو الأمر الذي يتيح لها فرصة للتقدم في عملها وإثبات أنها ستراعي مختلف احتياجات ومطالب, بل ومخاوف, كافة المجموعات والفئات المكونة للشعب المصري, بما يجعلها في النهاية قادرة علي النجاح في الخروج بمنتج نهائي في شكل مشروع دستور يعكس حالة توافق وطني عامة تجعل هناك حالة رضاء وتراضي متبادل قد يتطلب أحيانا خطوة إضافية من جانب الجمعية التأسيسية لطمأنة جميع أبناء الوطن, وتأكيد قيم عديدة تتضمن هيبة الدولة, وسيادة القانون, والمساواة بين المواطنين وغيرها من قيم أساسية حاكمة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 3:21 pm