منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    أمريكا بين الإخوان والعسكر

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    أمريكا بين الإخوان والعسكر Empty أمريكا بين الإخوان والعسكر

    مُساهمة  Admin الثلاثاء يوليو 31, 2012 3:47 pm

    هل يشعر فعلا الليبراليون واليساريون والأقباط المنتمون وغير المنتمين للاتجاهين بالصدمة لما يعتبرونه تقاربا مريبا بين الولايات المتحدة والإخوان؟ الصخب الذي اثاروه خلال زيارة هيلاري كلينتون لمصر يقطع بذلك‏.

    ومع التقدير لبواعث القلق إلا ان الكثير مما قاله الغاضبون يتناقض مع الواقع علي الارض.
    ذلك ان تقارب واشنطن مع الاخوان لم يبدأ بهذه الزيارة بل منذ بداية الثورة, وبناء علي قراءة واقعية للمشهد المصري حددت بدقة اين توجد مصالحها ومن هو الجواد الرابح. كما ان لقاء الوزيرة الامريكية برئيس الجمهورية المنتخب هو امر طبيعي لا يستحق هذه الضجة, ولا يمكن اعتباره دعما للإخوان او تدخلا في الشأن المصري. ولو كان هناك شيء غير طبيعي فهو لقاء الوزيرة مع المجلس العسكري ولكنه, للدهشة, لم يثر حفيظة احد.
    الحقائق علي الارض تقول ايضا ان واشنطن ومنذ بداية الثورة تتعامل مع الواقع المصري الجديد علي اساس وجود لاعبين' ثابت' و'متغير' وكلاهما لا يجب تجاهله. الثابت هو المؤسسة العسكرية, والمتغير هو الاخوان او اي رئيس مدني سيحكم لفترة ثم يمضي بينما يبقي الجيش كما هو.
    وعلي العكس من علاقتها الوليدة مع الاخوان فان للولايات المتحدة روابطها الراسخة والمتينة مع المؤسسة العسكرية. وليس مطروحا ان ترتكب حماقة بالتضحية بهذه العلاقات القديمة المفيدة حتي لو ظهرت اختلافات في وجهات النظر. بمعني اخر فان المؤسسة العسكرية, من وجهة نظر واشنطن, هي صمام الامان الذي يضمن بقاء مصالحها بعيدا عن شطط اي حكومات تأتي بها الانتخابات. كما ان هذه المؤسسة العتيدة تضمن استمرار ثوابت السياسة الخارجية المصرية وفي مقدمتها السلام مع اسرائيل وإبقاء الوضع الحالي في غزة ودعم النظم الخليجية واحتواء ايران ومكافحة الارهاب. باختصار تعي واشنطن تماما ان علاقتها الحديثة بالإخوان مهما بلغت درجة حميميتها لن تكون بديلا عن علاقتها بالمؤسسة العسكرية بعد سقوط مبارك.
    الاكثر من هذا فان مساحة التفاهم بين هذه المؤسسة والولايات المتحدة اكبر بكثير من اي تفاهم قائم او محتمل بين واشنطن والقوي الاسلامية. والكثير من الكتابات الغربية الجادة تشير بوضح الي هذه الحقيقية, وان الجانبين لديهما قلق من ان يعطي وصول الاخوان الي السلطة, حتي لو كانت سيطرتهم منقوصة, زخما للمد الاسلامي بالمنطقة, وربما يضعف او يفكك الشراكة المصرية الاسرائيلية. ولا يتعارض هذا مع رفض واشنطن تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية لان العواقب المترتبة علي ذلك وأهمها الفوضي الداخلية كانت ستصبح اكثر خطورة علي مصالحها من وصول رئيس اسلامي للحكم.
    مادام الامر كذلك فما هو تفسير التقارب الامريكي الواضح مع الاخوان؟ يمكن رصد الاجابة من وقائع جلسة استماع مهمة للجنة الاستخبارات بمجلس النواب الامريكي عقدت في ابريل 2011 اي بعد الثورة. في هذه الجلسة تحدث الدكتور ناثان براون استاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون والخبير بمعهد كارنيجي. لم يخف براون قلقه من الاخوان إلا انه اوصي بالتعامل معهم باعتبار انهم قد يمثلون تحديا سياسيا إلا انهم لا يشكلون تهديدا امنيا لبلاده. وعلي حد قول صديق له فان اسوأ ما يمكن ان يسببه الاخوان لأمريكا هو بعض الصداع ولكن ليس السرطان. وقدم مجموعة توصيات لما يجب ان تكون عليه السياسة الامريكية تجاه الاخوان تكاد تتطابق مع ما تقوم به حكومته منذ ذلك الوقت. اولي التوصيات هي ضرورة الاعتراف بالنضج السياسي للجماعة والأخذ في الاعتبار انها ملتزمة بنبذ العنف. التوصية الثانية ان المصالح الامريكية في مصر ستتحقق علي نحو افضل اذا كان هناك نظام سياسي مستقر وهو ما يستلزم مشاركة الاخوان بحرية في العمل السياسي. اخيرا يوصي بتبني رؤية موضوعية عند التعامل مع الاخوان بالاعتراف بأنهم الافضل تنظيما وبأنهم متجذرون بقوة في المجتمع ولا يمكن اقتلاعهم منه.
    خلاصة ما نرصد في هذا الصدد ان امريكا ستبقي حريصة علي علاقات قوية ومباشرة مع القوتين الاساسيتين: المجلس العسكري والإخوان لخدمة مصالحها وليس دعما للديمقراطية. ولا بأس هنا من ان تلعب بذكاء وخبث علي وتر الخلافات والتناقضات بين الشريكين المصريين. ولن يكون غريبا ان تضغط علي احدهما بالميل قليلا صوب الاخر. وكلما اتسعت الفجوة بينهما زادت مساحة المناورة الامريكية. فهل يفطن الحكماء في الجانبين لهذه الحقيقية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 1:18 pm