منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    خطاب الى الرئيس

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    خطاب الى الرئيس Empty خطاب الى الرئيس

    مُساهمة  Admin الأربعاء أغسطس 22, 2012 4:48 am

    السيد الرئيس‏..‏ لعلي لا أكون متجاوزا إذا ما أثرت لديكم ذكريات قد تبدو للبعض مؤلمة لا ينبغي إثارتها‏,‏ و لكني أري العكس تماما‏.‏ إنني أقصد أياما كان فيها رئيسنا‏.


    باعتباره من جماعة الإخوان المسلمين- مشاركا في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية الوطنية ومطاردا من الشرطة و سجينا. إنها خبرات لا يعرف ثراءها إلا من عاشها وعاناها, ولقد عشت في أوائل الستينيات خبرات مشابهة وإن اختلفت الانتماءات, و ثمة دروس مهمة تعلق في وعي من عاش خبرات معاناة الاضطهاد من أجل الأفكار بصرف النظر عن نوعية تلك الأفكار.
    أولا: أن الأفكار لا يقتلها الرصاص. لقد لاقت جماعة الإخوان المسلمين عبر عقود ما لا حد له من التنكيل و المطاردة و لم يؤد ذلك إلي تخليهم عن أفكارهم بل ازدادوا يقينا أنهم علي الطريق الصحيح, وكذلك الحال بالنسبة للجماعة الإسلامية التي لم تنته خطورتها إلا بعد مراجعاتها الشهيرة لأفكارها; ومن ثم فإن الاقتصار علي الرصاص فحسب في مواجهة من يهددون أمننا الوطني في سيناء, قد يدفعهم إلي الاستسلام مؤقتا و يدفعنا في حال نجاحنا إلي طمأنينة زائفة و لكن يظل التهديد قائما ما بقيت الأفكار المتشددة قائمة. و لعلكم الأقدر سيادة الرئيس بحكم انتمائكم لجماعة الإخوان المسلمين علي إدارة معركة تفنيد تلك الأفكار بالحوار المباشر دون أن يزايد علي إسلامكم أحد, و دون الانزلاق إلي لعبة النظام القديم بضرورة ضرب الإسلاميين و اللبراليين معا ليبدو النظام محايدا.
    ثانيا: هناك من ينادون بضرورة التصدي للإعلام و للمقررات المدرسية تطهيرا أو تقييدا, و لعل هؤلاء لم يمروا بمثل ما مررتم به من خبرات, و من ثم فقد توهموا أن الإعلام هو الذي يدعم نظاما أو يهدمه; متجاهلين حقيقة علمية و هي أن تأثير الإعلام يتوقف علي مصداقيته فإذا ما فقدها التفت الناس عنه, ولعلهم يتوهمون كذلك أن الكتاب المدرسي وحده يشكل هوية الدارس و سلوكه متجاهلين حقيقة أن التأثير في هذا الصدد إنما يرجع إلي المدرس وليس الكتاب. ويكفي الإشارة إلي أن الحجاب قد انتشر بيننا في وقت خلت فيه الكتب المدرسية الرسمية و قنوات الإعلام من دعوة لتحجب المرأة. كذلك فقد تعرضت جماعة الإخوان المسلمين لحملات إعلامية شرسة ومتواصلة, و حرمت لعدة عقود من أن يكون لها صحيفة أو قناة تليفزيونية, ومع ذلك- وربما بسبب ذلك- انصرفت إلي الانغماس بين الجماهير فكان فوزها بالأغلبية النسبية في الانتخابات.
    خلاصة القول أنه لا الإعلام ولا المقررات الدراسية يمكن أن تحمي نظاما أو تسقطه مهما بلغ انفراد تيار فكري بالساحة الإعلامية, ومهما احتشدت المقررات الدراسية بتوجهات فكرية محددة, و لعل فيما جري للاتحاد السوفييتي عبرة لمن يعتبر.
    ثالثا: قد يري البعض أن معالجة الانفلات والفوضي وتجاوز حدود النقد واختلاط الجرأة بالاجتراء لا بد وأن يواجه بعنف مضاد لا يعرف حدودا. ولعل هذا البعض لم يستوقفه في تاريخ المسلمين واقعة حدثت في خلافة عمر بن عبدالعزيز إذ كتب إليه والي خراسان إن أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم, وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فإن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك فكتب إليه عمر.. أما بعد, فقد بلغني كتابك تذكر فيه أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم, وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط, فقد كذبت, بل يصلحهم العدل والحق, فابسط ذلك فيهم والسلام.
    إن المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية مهما بلغ حجمها ومهما بلغت قدرات مخططيها و مموليها لا تستطيع وحدها أن تسقط نظاما. إن الحشود الجماهيرية غير المسبوقة التي شهدتها الميادين المصرية خلال ثورة يناير لم يكن ممكنا لها أن تهز النظام ما لم يكن عامة الشعب يفتقدون العدل. إن الإحساس بالظلم هو الذي يهدم الأنظمة و يدفع بها إلي الانهيار, في حين أن الإحساس بالعدل هو ضمان رسوخ النظام واستقراره. صحيح أنه لا وجود لعدل مطلق ولكن العبرة بإحساس الغالبية بأن ثمة معايير قانونية عادلة شفافة تحكم الجميع.
    سيادة الرئيس.. ثمة من يؤرقهم الخوف من العدل وهم الأقل عددا والأكثر مالا ونفوذا, و ثمة من يؤرقهم الشوق إلي العدل وهم البسطاء والفقراء وأبناء الطبقة الوسطي وهم الكثرة وإن كانوا أقل مالا ونفوذا. وهؤلاء المشتاقون للعدل إذا ما تعجلوه فعذرهم أن إحساسهم بالظلم قد صاحبهم طويلا, وإذا ما بدوا متجاوزين في مطالبهم فيكفيهم أن تطمئن قلوبهم إلي أنهم علي الطريق الصحيح, و تلك الطمأنينة إنما تتحقق بالشفافية فمن رأي التمس الأعذار, و من غابت عنه الرؤية تملكته الشكوك.
    سيادة الرئيس.. التركة ثقيلة تراكمت مشاكلها عبر سنوات طوال, والتحديات كبيرة, والمتربصون كثر; والتوقعات هائلة من أول رئيس مدني تجتمع في يده كل السلطات, وتخوفات البعض قائمة من اختيار الغالبية رئيسا من جماعة الإخوان المسلمين, والعبء علي أكتافكم ثقيل أعانكم الله علي تحمله, وفي النهاية لعلي لم اتجاوز

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 1:22 pm