منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    لوجه الآخر للمنافسة بين مرسي وشفيق

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    لوجه الآخر للمنافسة بين مرسي وشفيق Empty لوجه الآخر للمنافسة بين مرسي وشفيق

    مُساهمة  Admin الأحد يونيو 03, 2012 4:45 am

    كثير من المصريين غضبوا من نتيجة الجولة الأولي‏,‏ لأنها جعلتهم أمام خيارين أحلاهما مر‏.‏ لكن المعادلة التي وضعت الفريق أحمد شفيق في مواجهة الدكتور محمد مرسي أو العكس‏.

    ليست فقط مثالية لكليهما, لكنها أيضا يمكن أن تكون مفيدة لمن أصيبوا بالإحباط والارتباك والحيرة وقرروا المقاطعة, بل لا أبالغ إذا قلت أنها من الناحية السياسية أكثر جدوي من منافسة عبد المنعم أبو الفتوح لحمدين صباحي, أو مواجهة أي منهما لمن وصلا للجولة الثانية. وتعالوا نقلب المسألة علي وجوهها المختلفة.
    صيغة شفيق- مرسي التي أحزنت قطاعا كبيرا من المصريين, لو دققنا النظر فيها سنجدها تحمل داخلها مجموعة مهمة من الايجابيات. أبرزها, أن الخاسر منهما سيكون رقما مهما في صفوف المعارضة, التي هي بمثابة رقيب شعبي علي أهل الحكم. ومهما قيل عن نهم أو رغبة الإخوان المسلمين في الاستحواذ علي السلطة, ومهما تردد حول القبضة الحديدية التي سيحكم بها شفيق, فإن هناك واقعا جديدا يمنع مرسي أو شفيق من ممارسة هذا الدور أو ذاك. فأهم انجازات ثورة يناير أنها أخرجت المصريين عن صمتهم ومنحتهم فريضة عدم السكوت عن ظلم وأعطتهم وسائل متعددة للمراقبة والمحاسبة عند اللزوم. كما أنه لأول مرة تتبلور قيادة للثورة, متمثلة في صباحي وأبو الفتوح. غيابها كان إحدي نقاط الضعف في جسد الثورة, التي ظهر لها ألف ألف أب فجأة, لكن ظل الأب الحقيقي لها متواريا (الشعب المصري كله), سواء خجلا من فشله في تصعيد قيادة موحدة أو يأسا بسبب كثرة الخاطفين لثورته والطامعين في ركوبها.
    لذلك يكفي أن نتائج الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية قدمت أبو الفتوح وصباحي كقائدين لهذه الثورة. يستطيعان, معا أو فرادي, قيادة دفة المعارضة, وضبط موازين كثيرة وهما بين صفوفها, إذا فكر شفيق أو مرسي في الانحراف بعيدا عن ما يخدم المواطنين. وأنا أتعجب ممن يدفعون صباحي أو أبو الفتوح للتحالف مع مرسي. وأستغرب أكثر ممن طالبوا بضمانات مكتوبة لصلاحياتهما وتوضيح دور كليهما. ويزداد التعجب والاستغراب ممن طالبوا مرسي بالتنازل لصباحي, وممن اجتهدوا في الصياح من أجل تشكيل فريق رئاسي, لأنهم بذلك يريدون فريقا متصارعا ومتصادما. ويتحول قائد الفريق (الرئيس) إلي لعبة قابلة للمساومة والابتزاز ويخضع لضغوط ومناورات خطيرة, تفقد المنصب وقاره وهيبته وقيمته. وتضع أهل الحكم ومعارضيهم في قالب واحد. بصورة تعيدنا إلي عهد النظام السابق, الذي لم تكن مشكلته فقط في الهيمنة علي السلطة ومفاتيحها, بل اتقان التلاعب بالمعارضة وتحريكها وفقا لمصالحه وتوجيهها حسب أهوائه السياسية.
    امتناع أبو الفتوح وصباحي عن الانضمام لأي فريق رئاسي عملية مهمة من ثلاث زوايا رئيسية. الأولي, القيام بدور المعارضة المنظمة (مع آخرين) التي لديها قواعد صلبة في قلب وقاع المجتمع المصري التي افتقدناها طوال الفترة الماضية. وحتي حوارات الوفاق الوطني المختلفة وأجنداته المتنوعة كان معظمها يندرج في باب إبراء الذمة السياسية. ولدي المرشحان السابقان للرئاسة ما يكفي من أدوات للقيام بهذا الدور, الذي لا يقل أهمية عن منصب رئيس الجمهورية. والزاوية الثانية, الحفاظ علي الصورة الايجابية لكل منهما, والتي تشكلت في وعي قطاع من المواطنين راوده حلم البحث عن قائد يعكس طموحاته وتطلعاته. فالتحالف مع مرسي مثلا, سيهز صورة أبو الفتوح ويؤكد أنه مازال إخواني الهوي وأنه شارك في مسرحية سياسية لمصلحة الجماعة. كما أن قبول صباحي سيفقده جانبا معتبرا من الجمهور الذي وثق في خطابه المدني. أما الزاوية الثالثة, فتظهر أهميتها حال فوز أحمد شفيق, حيث ستكون هناك جبهة واسعة من المعارضين الذين بإمكانهم فرملة الفريق عن أي توجه مخالف لأهداف الثورة. وغير دقيق أن فوزه سيعيدنا إلي عهد مبارك.
    في تقديري أن المعادلة كانت ستصبح أكثر خطورة علي من يندبون حظهم الآن, لو دخل جولة الإعادة أبو الفتوح أو صباحي, في مواجهة مرسي أو شفيق. ففي هذه الحالة ستتحول المنافسة إلي مواجهة بين فريق منظم وقادر علي الإنفاق ولديه معرفة بدهاليز الحشد (مرسي أو شفيق) وفريق تسبقه مشاعر جياشة ويفتقر إلي أبسط أدبيات الاتفاق. وقد اعترف صباحي وأبو الفتوح أن إخفاقهما في التفاهم قبل الانتخابات كبد كلا منهما خسائر سياسية باهظة. كما أن نجاح أي منهما كان سيقابل بمطبات دقيقة وعثرات محكمة من أنصار مرسي وشفيق علي حد سواء. فإخفاق الأول, معناه أنه ابن غير شرعي للثورة. وهو ما سيدفعه لمضايقة المنتصر, من خلال أكثرية حزبه في البرلمان. وإخفاق الثاني, سيفضي إلي مزيد من استنفار مؤيدي شفيق في الشارع, حتي يبدو الرئيس الجديد عاجزا عن ممارسة مهامه.
    الواقع أن حصر المنافسة بين شفيق ومرسي, قدم خدمة جليلة للطرفين. فكل منهما لم يكن يتمني خصما أفضل وأضعف من الآخر. مشكلة هذه الصيغة أنها وضعت فئة كبيرة من المصريين في موقف مثير للدهشة, وفضحت ازدواجية كثير من المثقفين والسياسيين وتسببت لهم في مأزق, لم يجدوا مهربا منه سوي الإعلان عن تأييد مرشح (مرسي) وهم يضمرون التصويت لمنافسه, أو الدعوة إلي مقاطعة جولة الإعادة, التي لن تلغي النتيجة, لكن قد يستثمرها طرف دون آخر. ومشكلة المقاطعة في جانبين. الأول, أنها ليست خيارا كما يتصور البعض وضد ألف باء الديمقراطية, التي ارتضينا الدخول فيها, علي أمل أن تنضج في القريب العاجل, ومن أبجدياتها تهنئة الفائز والشد علي يد الخاسر. والجانب الثاني, تعيد إلينا السلبية التي بدأنا نهجرها, حيث تفاعل المصريون مع كل انتخابات وشعر كل واحد منا أن صوته له فائدة حقيقية. والعزوف في لحظة تاريخية فارقة سوف تتكشف أضراره في المرة المقبلة, التي يمكن أن يكون فيها لأبو الفتوح أو صباحي حظ وفير, بعد أن أصبح التصويت فريضة علينا حتي في ظل عدم اقتناعنا بمرشحي الإعادة. إذا كانت الجولة المقبلة بين مرسي وشفيق تعني المفاضلة بين التغيير والاستقرار, فأنا مع الأول بكل عيوبه وأرفض الثاني بكل إيجابياته. فالثورة قامت من أجل التغيير. وكل الثورات التي نجحت في العالم كانت لها سلبيات وتكاليف لابد أن نتحملها جميعا. فالاستقرار الذي يرفعه الفريق شفيق كشعار له, لن تكون له قيمة ونحن غير قادرين علي تغيير واقعنا وتحويله إلي الأحسن. ومعظم الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية تتمتع بالأمن والاستقرار, لكن تفتقر إلي إرادة التغيير, التي تؤكد عافية المجتمع وقدرته علي التطوير والتجديد والإبداع. وهي من أهم صفات الدول التي تسعي للتقدم. وأختم بما قاله لي صديق عربي, كيف تنجح ثورة يناير في إزاحة مبارك ثم تعيد آخر رئيس وزراء في عهده للواجهة؟



      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 3:28 pm