منتدى محسن الشامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى محسن الشامل

سياسى, رياضى, ساخر


    الرئيس والمحكمة الدستورية وسر الاصطدام

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 20/05/2012

    الرئيس والمحكمة الدستورية وسر الاصطدام Empty الرئيس والمحكمة الدستورية وسر الاصطدام

    مُساهمة  Admin الجمعة يوليو 20, 2012 12:16 am

    يبدو كلام القانون ثقيلا في بعض الأحيان علي غير المتخصص

    وذلك إذا كان مجرد كلام عن النظريات, ولكن عندما يختلط القانون بالسياسة والحياة والأحداث فإنه يسهل حينئذ استيعابه, إذ إنه يتحول حينئذ إلي لحم ودم, بل إن القانون يتحول إلي قصة مشوقة عندما يتداخل في أحداثه الرئيس محمد مرسي, والثورة, والإخوان, والمحكمة الدستورية, وفقهاء القانون, وعلماء السلطان, وأصحاب الأقنعة, والمشتاقون إلي توقيع عقود عمل مع الرئيس الجديد.
    نعم القانون ثقيل علي غير المتخصص, لكن الاتجار بالقانون هو أشد ثقلا علي النفس, القانون الثقيل يقول إن الدولة بمؤسساتها لا تقوم إلا علي مبدأ المشروعية ولكي تتحول كلمة المشروعية إلي حياة ولحم ودم فيفهمها القاصي والداني فنقول إن معني المشروعية هو سيادة حكم القانون, أي أن القانون يجب أن يتم تطبيقه علي الجميع, الكل في ذلك سواء, الخفير والوزير والرئيس وابن الرئيس, كما أن من مقتضي المشروعية ـ التي هي من لحم ودم ـ أن تعمل المحكمة الدستورية رقابتها علي كل مؤسسات الدولة في أدائها وظيفتها بما فيها مؤسسة الرئاسة والرئيس, بحيث تقوم بردها إلي جادة الصواب كلما عن لها أن تخرج عن حدود الدستور, أما الدستور فله قصة, وللمحكمة الدستورية قصة, ولكي نعرف سر الأزمة التي يثيرها البعض ضد المحكمة الدستورية يجب أن نقرأ القصة, فالقراءة هي أم المعرفة.
    في الأصل كان الدستور, والدستور هو العقد الاجتماعي الذي يتفق عليه الشعب, والعقد شريعة المتعاقدين, والكل يجب أن يخضع للدستور مهما علا شأنه أو ارتفع مقامه, ولأن مواد الدستور لا تستطيع أن تقفز من المدونة الدستورية لتنبه الشعب إلي أن هناك جهة ما أو مؤسسة خالفت بنودها, كما أن المدونة الدستورية المكتوبة بين دفتي كتاب لا تستطيع أن تقوم هي بذاتها بالرقابة الدستورية علي مؤسسات الدولة, فكان يجب أن يكون هناك دستور حي, يعبر عن الدستور المكتوب ويشرح مقاصده ويفسر معانيه, دستور حي يقف ويراقب ويصيح ويمنع, كان هذا الدستور الحي هو المحكمة العليا التي نص عليها دستور1971 قبل تعديله, ثم في عام1979 حدث تعديل في الدستور حيث أنشأ المحكمة الدستورية العليا بدلا من المحكمة العليا فأصبحت المحكمة الدستورية هي الدستور الحي, أي أنها هي الجهة التي يجب أن تخضع لها كل سلطات الدولة بما فيها السلطة القضائية, وهي الجهة التي تملك مراجعة أعمال السلطة التشريعية لتري إذا كانت قد صدرت متفقة مع الدستور من عدمه, وهي الجهة التي تملك أن تقول لرئيس الجمهورية قف عند حدك فقد تجاوزت الدستور, وبدأت المحكمة الدستورية العليا عملها وفقا لقانونها, رجالها غير قابلين للعزل أبدا, يتمتعون باستقلالية كاملة, وقد مارست رقابتها فقامت بإلغاء عشرات القوانين التي صنعتها برلمانات مبارك.
    انتهي حديثي عن القانون الذي هو من لحم ودم, لندخل إلي الأمر الثقيل علي النفس ألا وهو رجال القانون وفقهاء السلطان الذين يقتاتون من علي موائد الحاكم, ويتوقون شوقا إلي التوقيع علي عقد عمل معه, ذلك أن هؤلاء ـ وأحدهم تغيرت بوصلة رأيه فور أن اجتمع به الرئيس ـ وقفوا يصفقون للرئيس أن خالف القانون, وقالوا نعم الرجل هو, حين صيغ للرئيس قرار مفجع يترتب عليه إلغاء أثر حكم المحكمة الدستورية الذي قضي بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية بما يترتب عليه بطلان المجلس ووجوب حله فورا, وكانت الصياغة شبيهة بصياغة أهل السبت من اليهود الذين نهاهم الله في أمم غابرة عن أن يصطادوا يوم السبت, فإذا بهم يرون السمك لا يظهر في نهرهم إلا في يوم السبت ثم يختفي في باقي الأيام, فوضعوا من يوم الجمعة شباكهم في النهر ليقع فيها السمك ثم يسحبونها يوم الأحد فيكونون قد التزموا ظاهرا بأمر الله, وفي الحقيقة أنهم كانوا أبعد الناس عن الالتزام, صياغة الاعتداء علي حكم الدستورية توحي بأن الرئيس ـ كما قال فقهاء السلطان ـ إنما يريد أن يلغي قرار المجلس العسكري, وكأن قرار المجلس العسكري هو الذي حل البرلمان!! مع أن البرلمان منحل بموجب الحكم سواء أصدر العسكر قرارهم أم لم يصدروا.
    من مآسينا مع النخب المزيفة أن بعضهم تصور لفرط سذاجته أن الرئيس يخوض غمار معركة حامية الوطيس مع العسكر!! ولو أراد أن يخوض غمار المعركة لقام بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل, ثم قام بعض فكهاء القانون بالزعم أن المحكمة الدستورية العليا في حكم حل البرلمان تجاوزت واعتدت علي السلطة التشريعية وقالت في حكمها إنه يترتب علي عدم دستورية قانون الانتخابات بطلان مجلس الشعب بأكمله, أخطأت المحكمة الدستورية في ظنهم, المحكمة الدستورية لا ينبغي لها أن تمس أحاسيس مجلس الشعب وتفجعه بالحل, أو تصمه بالبطلان, هكذا قالوا وصدروا للرأي العام, وقالوا من ضمن ما قالوا إن المحكمة الدستورية ابتدعت أمرا لم تفعله من قبل, ورغم أن هذا القول ظاهر البطلان والتهافت ذلك أن المحكمة الدستورية تملك أن تنص في حكمها علي ما تريد ولا يملك أحد أن يراجعها في ذلك إذ أنها تملك أن تفسر حكمها وتشرح مقصدها إذا خلا حكمها من بيان ما تقصده, وبمعني سهل فإن الحكم إذا لم يرد بأسبابه الأثر المترتب علي عدم دستورية القانون فإن أي إنسان صاحب مصلحة يستطيع أن يتقدم بطلب للمحكمة الدستورية لتفسر حكمها, ولها الحق في حكم التفسير أن تقول إنه يترتب علي عدم دستورية القانون حل البرلمان أو بطلانه أو انعدامه أو بطلان ثلثه أو بطلانه كله, ومن يملك حق التفسير انتهاء يملك حق التفسير في الحكم ذاته, لا تثريب علي المحكمة إن فعلت ذلك, ورغم هذا فإن ما قررته المحكمة الدستورية في أسبابها لم يكن أمرا جديدا قصدت به المحكمة ـ الفلولية علي رأي الدهماء ـ الوقوف ضد الإخوان المساكين الضحايا, أو عرقلة عمل الرئيس, أو سلب حقه في التشريع.
    لكن هل غابت هذه المفاهيم عن النخبة التي جعلها الرئيس مستشارة له؟ بالطبع لا, ولكن كما يقول المثل وراء الأكمه ماوراءها والأكمه وراءها سر, والسر له قصة, وبداية القصة هي الرغبة في الاصطدام بالمحكمة الدستورية العليا وليس الرغبة في عودة مجلس الشعب, ثم الاصطدام بمجلس الدولة والصدام علي الأبواب, وكانت تباشير الاصطدام ظاهرة وجلية في تصريحات الأخ محمد البلتاجي الإخواني الذي قال بالحرف إذا صدر حكم من مجلس الدولة بوقف الهيئة التأسيسية للدستور, سنحترم الحكم, ولكننا لن ننفذه وسنستمر في عملنا! فما هو السر في أن الرئيس يرغب في الاصطدام بهاتين المحكمتين, وما هو سيناريو هذا الاصطدام؟

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء سبتمبر 25, 2024 1:17 pm